العلم و الإيمان

العلم و الإيمان 

د. فيصل خالد الغريب

المستشار وخبير الاتصال البشري

@dr_faisalkhaled 

لقد نشأت في مكتبة .. كانت أكبر مكتبة منزلية عامة في حينها ، ضمن بيئة بحث وكتابة وتأليف ، وكان ارتباط أسرتي بإمامة المساجد والدعوة عبر سلسلتنا الشجرية الأسرية واضحاً ، وهذا ما جعلني أقدر الفرصة التي سمحت لي بفضل الله تعالى ، بأن أكون شخصيتي ما بين العلم والإيمان دون تعارض أو فجوات غير منطقية في ذهني .

يختلط على البعض مفاهيم غربية في عصر الظلمات ، مع مفاهيم دينية إسلامية لا تعارض العلم ، مع واقع علمي مخزٍ تعيشه الأمة في عصرنا الراهن ، وعندما يسمع عبارات كتخلف الدين عن المعرفة وسيطرة المتديين على العقول ، يتبادر إلى ذهنه وبشكل تلقائي " الإسلام " ، وفي واقع الحال ، فإن المقصود به ، هي المسيحية المحرفة ، ممثلة في الكنيسة في العصور الوسطى ، حين كانت أوروبا تقبع تحت طبقات من الظلمات ، بينما يدفع الإسلام إلى المعرفة كأساس للدين ، ويحترم العقل بدوره ، حيث يجعله أحد شروط التكليف ، ولم يهمله قط ، بل جعله من الضروريات الواجب حفظها .  

في بيئتنا الإسلامية ، لا توجد لدينا كنائس ولا رجال دين يضيقون الأفق ، و إنما حرية منضبطة أخلاقياً ، مع مرجعية استدلال شرعي عند الحاجة ومقتضى الاستفتاء والربط عند اختلال المنهج العلمي ، وحيث أن المنهج العلمي الغالب يؤكد توحيد الخالق وتفرد بصمة الصانع سبحانه ، فإن المساحة ما بين العلم والإيمان مفتوحة على مصراعيها للباحثين في كافة أنواع ومستويات العلوم الإنسانية والطبيعية وفلسفاتها .

 إن العلم في حد ذاته ، يدفع بالإيمان إلى أقصاه ، فأنت بأبحاثك العلمية تلامس خلق الله المتقن حساً ومعنى ، وهذا يسمو بعباداتك القلبية ، ويربطك بالخالق سبحانه في كل كوارك أو فوتون أو نيوترون داخل ذرات الكون الهائل .. وهذا يعرفك بصانعه العظيم ، ويجعلك أكثر خشية له ، ورغبة فيه جل في علاه . 

  

لا يتعارض الإيمان مع العلم ، بل يتشارك الإثنان في الوصول بالتعاون والتكامل ، إلى الواحد الأخد ، ويبقى هذا المشوار مليئاً بالاكتشافات المذهلة ، والاختزاعات التي تفتقها حاجة البشر إلى المعرفة ، وبهذا فإن العلم في حد ذاته سلوك ، لا مجرد معرفة نظرية ، فالمعرفة النظرية لا تسمن ولا تغني من جوع ، مالم تلامس واقع الحياة التطبيقية ، ففروع العلوم ، تبيق عملي للحياة الحقيقية ، فإن تنادلت عن العلم ، فأنت تتنازل عن واقع وجودك ، إن العلم و الإيمان ، أشبه بمصباح يرشدك في طريق مظلم .