خلاصة الرياضيات
د. فيصل خالد الغريب
المستشار وخبير الاتصال البشري
@dr_faisalkhaled
علم الرياضيات هو علم مبني على الأعداد والكميات ، وهو علم القياس و علم الأنماط العددية ، ولا يمكن للعلوم الطبيعية إلا أن تعبر عن طريق بوابته لتحصل على البرهان العلمي المؤكد ، فالفيزياء والكيمياء والهندسة ، تعتمد عليه وتخضع له ، لبناء معادلاتها .
في الواقع لا يمكن تصور العلم من دونه ، وهناك قسم من الرياضيين ، يمارسونه كفن وليس علماً ، فسحر الرياضيات لا يصدق ، و ستصاب بالذهول عند ممارسته ، فهو لغة اتصال و تواصل علمية لا يمكن الاستغناء عنها ، ويستحيل عليماً التخلي عنه بأي شكل من الأشكال .
إن البشر اليوم يخاطبون الطبيعة عبره ، ومن خلاله تخبرهم الطبيعة عن مكنونات خفية ، لا ترى إلا عبر اللغة الرياضية ، في حين أنها ليست مدركة حسياً ، وقد لا تكشف القدرات و الموجودات البشرية عن هذه الخفايا ، ولكن الرياضيات يؤكد وجودها القطعي ، سواءاً شوهدت أم لم تشاهد ، إذ ما يميز علم الرياضيات .. هي مصداقيته المجردة ، ما يجعله أهم البراهين التأكيدية أو النافية لمعظم أشكال الطبيعة التطبيقية علمياً .
و من الجدير ذكره ، أن تساؤلاً كبيراً يغلف اللغة الرياضية ، فهل الرياضيات اختراع بشري ، أم اكتشاف لأحد أسرار الخليقة في الوجود ، فالرياضيات يعمل على توائم العقل مع الطبيعة الوجودية للأشياء من حولنا ، فهناك تناسب رياضي عجيب في خلق الكون ، وهذا يدل على وجود علم كبير وراء هذا الصنع المتقن و المضبوط رياضياً !.
إلا أن علينا أن ندرك أمراً مهماً ، فهناك اختلاف بين رياضيات الأحجام الطبيعية والبالغة الكبر ، وتلك المتناهية الصغر ، حتى أن الأعداد المستخدمة ذات طابع ونمط مختلف ، وعلينا أن لا نغفل أمراً مهماً ، فالرياضيات يعجز عجزاً تاماً عن تفسير العديد من الظواهر الطبيعية كالتنبؤ ببعض أنماط الطقس و الزلازل مثلاً وحتى حركة الماء عند غليانه - على الأقل حتى هذه اللحظة - فضلاً عن عجزه عن تحديد المعنويات والقيم والطفرات الخلقية فيما يعرف بالتطور .
ومع هذا وذاك ، فإن الرياضيات ، هو ما شكل عالمنا العصري التقني الحديث ، وجعل من حياتنا أكثر سهولة ورفاهية وتقدماً ، والرياضيات كاكتشاف هو خلق من نوع ما ، أوجده الخالق سبحانه ، لكي يددل على بديع صنعة جل في علاه ، وجعل العقل أداة ارتباط لفهم لغة الطبيعة عبره ، وهذا منسجم مع ما نعتقده عن حقيقة الوجود و الخلق .