الهروب من المواجهة
د. فيصل خالد الغريب
المستشار وخبير الاتصال البشري
@dr_faisalkhaled
الفرار من المعركة يعد جبناً ولا شك - أعني انهزامية لا وجبة طعام - ولكننا نباشر يومياً معارك من نوع مختلف طوال الوقت ، تذكر بأن ما يمزك ، هو عقل يرتفع بك عن سلم الحيوان ، وهذا تشريف من الخالق سبحانه ، فديسم في البرية سبقى في صراع مع الموت إن لم تكن أمه - الدبة - بجواره حتى يكبر ، ويكتسب خبرة للصمود بقية حياته المليئة بالمخاطر .
إن لوجود العقل حكمة بالغة ، فالعقل يقوم فعلياً بمواجهة دائمة للمشكلات طوال الوقت ، ليس في كل دقيقة ولا كل ثانية ، بل في كل لحظة ، ما يعني أننا نعالج متغيرات الحياة على الدوام ، إلا أن بعض التحديات ، تكون أكبر من خبراتنا ، فننقسم إلى مجموعات لمواجة هذه التحديات :
١- قسم يتخشب دون حراك ، لتجرشه المصائب .
٢- قسم يواجه التحديات بلا علم أو دراية ، فيدخل في لعبة يناصيب .
٣- قسم يتجاهل الأمر برمته ، ليصطدم بحائط مسدود في نهاية المطاف .
٤- قسم يدرس التحدي ويستعرض الخيارات للتغلب عليه .
٥- قسم يحول التحدي إلى لعبة ممتعة ، ويصنع منها منجزاً إيجابياً بشكل ما .
إن الذين يهربون من مشكلاتهم اليومية ، يصنفون ضمن القسم الثالث من تصنيفنا هذا ، ليجعلوا من حياتهم أكثر تعقيداً ، وهم عادة ما يثيرون المزيد من التحديات والمشكلات ، ما يجعل الحلول شبه مستحيلة أحياناً ، على الكثيرين .
الخوف من مواجهة التحدي ، يقود البعض للتستر عليه أمام الآخرين ، مع إخفاق فعلي في تسترتهم هذا ، ففي العادة ما يكون للهروب من المشكلة مظاهر فاضحة ، دالة على الجهل والارتباك وضعف البصيرة ، والجميع من حولك سيدرك بأنك تعاني من شيء ما ، وبأنك في ورطة حقيقية ، في الواقع أن تجاهل المشكلات يساعد في نموها وتجذرها ، وتمدد فروعها مع مضي الوقت .
إن أفضل طريقة للتخلص من مشكلة ما ، هي مواجهتها فعلياً ، فهذا أسهل مع محاربتها بعد أن تلتف عليك بجيش جرار كامل العدة والعتاد ، وأنت وحيداً .. يمكنك التخلص من أي مشكلة في لحظة والدتها ، أما إذا كبرت فعادة ما ستلتهمك في لقمة واحدة ، وعليك تذكر هذا .
ليس صعباً أن تكون من القسم الخامس في تصنيفنا ، حتى وإن كنت لا تحسن التصرف ، فإنه بمقدورك الاستعانة بمن يمكنه مد يد العون لك من الحكماء وذوي الخبرة والدراية .. واجه مخاوفك وكن شجاعاً .. وستنتصر بإذن الله دون شك .