التشوش الذهني
د. فيصل خالد الغريب
المستشار وخبير الإتصال البشري
@dr_faisalkhaled
مرحباً بالفوضى ... هذا ما يمكنك الشعور به عندما يقبل أحدهم ، ولكن لم يتمتع البعض بقدرة عالية على بث الفوضى حيثما وجد ؟!
في واقع الأمر هناك العديد من مسببات هذه المظاهر السلوكية المزعجة ، وسنستعرض بعضها هنا ، لتكون ضمن دائرة الوعي بالمشكلة ، فبعض البشر يتمتعون بقدرات تصورية عالية ، فهو يرى ما يفكر فيه على شكل لقطات سريعة عالية الدقة والوضوح والتركيز ، حتى أنه لا يكاد يكمل حديثه أو استماعه ، حتى ينتقل فجأة لموضوع آخر ، فهو فعلياً تصور الحدث منذ ثوانٍ مضت وليس بحاجة لمط الموضوع لثوانٍ أو دقائق أخرى ، لن تكون بذات قيمة ولن تقدم المزيد من التفاصيل ، ولهذا فإنه يتململ ويتحفز ، بل وحتى ينشغل بالعبث بأي شيء يمكنه الحصول منه على شيء جديد غير الثرثرة والتكرار الممل ، كما يتصوره .
إن النموذج السابق يتميز بسرعة إدراكه ، إلا أن عدم القدرة على ضبط النفس ، يقود لتشوش ذهني له ولمن هم حوله ، ممن يتعاملون معه ، فإذا ما امتزج شيء من الطباع السيئة كاللامبالاة وقلة الاحترام ، فسيكون هذا المتميز ، نموذجاً سلوكياً فجاً يتبع أنماطاً متعددة من سوء التصرف ، يمكنه التنقل وبسرعة شديدة ما بين السخط والرضا خلال مكالمة هاتفية تمتد لدقيقتين ، أكثر من خمس مرات ، وهذا يظهر جلياً في نبرات صوته وعباراته ، وهذا أحد النماذج بالطبع .
إنه سرعان ما يقفز من موضوع لآخر قبل اكتماله ، وهو غير قادر على التركيز على شيء محدد بالطبع ، ما يدفع به إلى التوتر ، إن كان في قبالة شخص أكثر تنظيماً واتزاناً ، لوجود تعارض سلوكي ، ما يحدث شيئاً من النفرة وعدم القبول ، فالمتشتت يتنفس بسرعة و دون إكمال لعملية التنفس ، ما يجعله في حالة شبه اختناق ، وللعلم فهو منسجم تماماً مع هذه الحالة .
قد يصطحب معه أيضاً بعض معيقات الاتصال الفعلي ، فإذا ما كان قليل الخبرة ضعيف التجربة ، فسيرى عوائق لا يمكن لأحد رؤيتها ، ما يعني صعوبة إقناعه بفعل شيء ما ، بينما يمكن إقناعه فعلياً ببساطة مطلقة لو قمت بتحقيق ألفة معه ، وعرضت عليه الأمر بشكل بصري سريع ، ومن المهم أن ندرك بأن هذا الفوضوي مفيد لبناء أفكار مستقبلية ، وهذا جهد كافٍ منه ، إلا أنه لا ينبغي أن يباشر إدارة أعمال مرحلية منظمة ، فإنه سيفسد الأمر عادة ، ومن هنا ، يمكننا دعمه بمساعد منظم يعمل على بناء الخطط التنفيذية ومتابعتها ، بينما يكتفي صاحبنا بالتحليق هنا وهناك بأفكاره العاصفة و يصدر الأوامر !.