الاثنين، 13 أغسطس 2012

سوريا الإسلام ومشيئة الله في الشام 


سوريا الإسلام ومشيئة الله في الشام 

د. فيصل خالد الغريب 
المستشار وخبير الإتصال البشري والإستراتيجي 


ليست الشام ( سوريا ) موقعاً جغرافياً ولا تكتلاً بشرياً عادياً فهي أرض مباركة ، و أهلها أشاوس أفذاذ ، و الأحداث الدامية وحرب الإبادة الطائفية التي يتعرض لها الشعب المسلم هناك ، لها ارتباطات عقدية ترتبط ارتباطاً وثيقاً باستراتيجيات تهيئة التحول الأممي ضمن سياق التمهيد الأخروي لإحداث توجه سلوكي جمعي عام داخل الإنسان الشامي وتركيب ذاكرته العميقة . 

المنهجية السلوكية العامة في تكوين الأمم تتغير وتتبدل في سياق الذاكرة الجمعية العميقة ذات الموروثات القيمية المتراكمة ، وما يحدث اليوم في سوريا من إبادات جماعية وانتهاك للأعراض وسلب للممتلكات ، هي عملية تشكيل قيمي سلوكي عميق ومركز لتسريع عملية التحول الذهني والإجراء العقلي في البنية المعرفية للفرد السوري ، عبر وضعه ضمن ضغط آلة تسريع وتحويل تعمل بطاقتها القصوى . 

إن عمليات التحول الذهني العقلي وتبديل التكوين المعرفي للإنسان تحتاج لعقود ، بينما في ظروف معينة كهذه ، يمكن إعادة برمج ة عقل الإنسان وإعادة تهيئته عبر التأثير على جهازه العصبي ، حيث تعمل العديد من التقنيات البرمجية ذات التأثير المباشر على معتقدات الشخص مما يعيد تشكيل قيمه وتحديد معالم هوية جديدة له ،  وفق أعمق المستويات العصبية الذهنية .. ونحن اليوم بصدد تشكيل جمعي عامٍ لأمة كاملة ، وهذا الأمر يحدث عبر زمن الأمم من حين الآخر . 

إن التغيير الجمعي السريع وتكسير المراسي والمثبتات السلوكية والعاطفية ومحددات المعتقدات والقيم ، يتم عبر المحن والنوازل الجارفة ، حيث تتم عمليات التغيير كمن يتم إدخاله مسرع جزيئات ذرية ، ولكنه هنا ضمن سياق بشري وليست عناصر جامدة ، وهنا تكون العملية أكثر تعقيداً من التفاعل الفيزيائي للجزئيات الذرية .. وهو أيضاً أبطأ منه ، فمحنة كمحنة سوريا ، هي عملية تكسير وإنشاء مباشرة وسريعة في الإطار الجزئي عبر إحداث صدمات عاطفية ، وتفاعل طويل نسبي ، عبر تكديس الصدمات مما يكدس المراسي ، ويعزز القيم والمعتقدات المعرفية الذهنية الجديدة ويعمقها . . وهنا لا نتحدث عن فرد وإنما عن أمة بشرية وتكتل إنساني مجتمعي متميز . 

يحدث العنف والظلم والإعتداء والوحشية ، تفاعلات ذهنية معقدة تذوب فيها الهيئات المعرفية السابقة لتتشكل من صهارتها تكوينات جديدة ، وعملية إعادة تأطير إما أن تكون موجهة كما فعل هتلر ، أو عشوائية كما يحدث في النزعات العرقية والطائفية ذات الطابع الأهلي العام ، وأما يحدث في سوريا فهو مع فداحته ، يحمل في طياته الخير لأهل الشام ويعيد تأهل المجتمع برمته لمرحلة إنسانية قادمة ، تحتاج إلى تركيب معرفي وذهني محدد وتجربة كافية لتحمل المسؤوليات الجسام في مستقبل الأمة ، وهي مرحلة تحول سريعة وإن بدت طويلة ، ولكنها بمجرد تخطي مرحلة الإنكسار ، فإن شعب سوريا سيكون قد تحول وتهيئ لمشيئة الله تعالى في أرض الشام المباركة ، وعلينا أن لا ننسى بسط الملائكة أجنحتها على أرض الشام ، وهذه دلالة عميقة على دورها في الجنس البشري . 

من المعلوم بأن كل شيء يحدث هو تحت علم الله التام ، وحكمة الله البالغة لا تدركها الأفهام البشرية ، فعندما تنغلق الدنيا في وجوه البشر ، فإن مفاتيح تقدير الله العليم ستدفع بالحياة لأبعاد زمنية ومكانية جديدة تفوق تقديراتنا القاصرة .. فإن ما نكرره ربما حمل في طياته الخير كله ، ولا يقضي الله إلا بخير . فطوبا للشام وأهلها .