الاثنين، 15 فبراير 2016

دعوتكم فاستجبتم

دعوتكم فاستجبتم 


د. فيصل خالد الغريب 
المستشار وخبير الإتصال البشري 
@dr_faisalkhaled 

أنت لم ترى الشيطان ولا أنا ، ولكنه يمارس دوره دون الحاجة لأن يصافحك في قاعة اجتماع وقد أشعل السيجار الكوبي وجلس أمامك ليعقد معك صفقة خاسرة ، إنه يدرك أنه بذلك لن يحقق أي تقدم على طاولة المفاوضات مع بني آدم .

إن إبليس لا يحتاج لأكثر من الوسوسة والنزغ و الإيعاز غير المباشر بموافقة النفس الأمارة بالسوء لتقوم بما يرغب هو في أن تقوم به عن قناعة ذاتية بأنك فعلاً من اختار هذا القرار دون ضغوط منه شخصياً ، فأنت بالفعل من يستجيب لما تعتقد صوابه من قرارات ، ولكن الفرق ما بين قرار يدعمه الشيطان وآخر يقره لك الرحمن ، هو البرهان على صحة قراراتك ، فأنت بلاشك تعلم بأن محمداً ﷺ قد بعث لك بالوحيين الكتاب والسنة ، وكل ما عليك سوى وضع قراراتك في ميزانهما الاختباري لتحكم بعدها وفقاً لذلك على صحة قراراتك واختياراتك من عدمها ، واقرأ إن شئت قوله تعالى ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا ) .

وتكمن المشكلة في تورط الآدمي المخيّر بعد طاعته لإبليس الرجيم في رد وتبرير إبليس ذاته بعد نهاية العالم حيث سيقول كما ذكر الله تعالى على لسانه ( وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم ) .. يالها من نهاية مخزية لمستجيب ، حيث أن كل الأفعال الشريرة في الدنيا قلّت أو كثرت ، صغرت أو كبرت ستدفع بصاحبها نحو الجحيم  ، خاصة إذا ما كان الأمر مما لا يغتفر كالكفر بالله وحقوق الآخرين يقول تعالى ( وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) فالكثير من الناس لا يلقون بالاً لتعبير لفظي أو غير لفظي أو تغريدة أو إعادة تغريد أو أي عملية نسخ ولصق بلهاء ، فالأمر لا يحتاج لسرقة أو سلب ونهب أو سحل أو قتل فالإستهزاء يكفي لاستحقاق العقاب الرباني ( وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ۚ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ) فبعض الغافلين عن تلاعب الشيطان وأوليائه بهم يمارسون شرورهم في الحياة دون مبالاة بالعقاب ، لأنهم ينعمون بسلامة مؤقتة تدفع بهم إلى ظلم أنفسهم بظلم غيرهم ( وَمَا ظَلَمُونَا وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) .

إن الاستجابة لرغبات الشيطان ستحاسب عليها أنت ومن جررت خلفك ، فمن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ، فالاستجابة هنا تقمص للدور الشيطاني حيث بالفعل .. لن يحتاج الشيطان إلى مغادرة مقعده وسيقوم بالمراقبة فحسب . 

ركز في خياراتك وقراراتك و أعد صياغتها وصيانتها و توجيهها الوجهة الصحيحة ، لتغنم وتسلم في عقيدتك ومعاملاتك ... أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه .