تقنية الألفة
ما بين البناء والكسر
د. فيصل خالد الغريب
المستشار وخبير الاتصال البشري
@Dr_faisalkhaled
نموذج الاتصال البشري ، يعطيك تقنية فعالة ومباشرة في بناء العلاقات وهدمها ... مالذي يدعونا لبناء العلاقات ؟ ومالذي يقودنا لهدمها ؟
نبني العلاقات في الحالات التالية :
١- النفع المتبادل .
٢- النفع من طرف واحد .
وهذا النفع يكون دنيوياً أو أخروياً أو يجمع الإثنين معاً ، فتكون الصحبة والعلاقة مبنية على تحقيق مصلحة نافعة تتحقق بوجود العلاقة ، وتنتفي بانتفائها ، يقول صلى الله عليه وسلم " ثلاثة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله " و ذكر " اثنين تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقى عليه " .. ومن الصحبة النافعة ، صحبة المؤمنين للأخيار وأهل الفضل والأدب من الناس ، ومن تجمعك وإياهم منافع مشتركة بالمعروف .
وتهدم العلاقة في الحالات التالية :
١- الضرر المتبادل .
٢- الضرر من أحد الطرفين .
ويكون هذا الضرر دنيوياً أو أخروياً أو يجمع الإثنين معاً ، فتكون الصحبة إما جالبة لسخط الله وغضبه ، أو تعود بضرر شخصي لا يمكن تحمله ، كالإيذاء والحمق والسفه والجهل ونحوه ، قال تعالى " الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين " فالفاضل لا يصحب من لا عقل له ، أو سيء الخلق أو النفعي المفجوع أو أهل الفسق والفجور من الصحب والأقربين ، ممن يكون في صحبته ضرر بيّن لا يتجنب إلا بهدم العلاقة .
وهدم العلاقة لا يعني الخصومة والعداوة ، وإنما تحييد عملية التواصل وتجميدها فيحدث انفصال مدروس دون بغي أو ظلم أو ضرر ، ومنها هجر مصادر الشر وبيئات الفساد والإفساد .
وهذه التقنية ، مفيدة في الكسب والتقوية و مفيدة في التنفير أو الكسر .. ونستخدمها هنا لتحقيق الخير كيفما استخدمت هذه التقنية .
لتحقيق الألفة مع شخص لا يعرفك ولا تعرفه ، كالمقابلات والاجتمعات وجلسات التعارف و التفاوض ونحوها ، وهي مكونة من ثلاث خطوات :
١- المطابقة .
٢- المجاراة .
٣- القيادة .
فالمطابقة وبكل بساطة ، أن تشابه الطرف المقابل في جلسته أو وقوفه بشكل متماثل تماماً أو معكوس كالمرآة المواجهة له ، وتمارس ذات الإيماءات والحركات الجسدية و العبارات والأساليب اللفظية وطبيعة مستوى الخطاب ، مع ملاحظة طريقة تنفس الطرف المقابل ، وإيقاعه النغمي أثناء التحدث .
و أيضاً مع التأكد من أن لا تكون متصنعاً ولا مبالغاً ولا مباشراً في المحاكاة والتقليد و لاملفتاً للنظر نتيجة المطابقة المحفزة للانتباه .. بل كن منساباً سلساً هادئاً متدرجاً لكي تتغلغل إلى عقله اللواعي .. فينجذب إليك وهو لا يشعر .
أما المجاراة ، فينبغي أن تجاريه في مجمل اهتماماته ، فتتحدث عما يهمه هو و يستهويه ، فتشاركه أفكاره التي يبديها ، وتسايره في مستوى عرضه وموضمونه وعقله ، بغض النظر عن مدى عمق وسطحية الطرف المقابل .. في غير معصية لله تعالى .
القيادة ، هي مرحلة ما بعد الانسجام التام مع الطرف المقابل ، حيث أن مرحلة المجاراة ستعطيك الإشارة ، لجذب الطرف المقابل نحو هدفك أنت - وليكن هدفك إيجابي وصالح - فإذا تقبل مقدمات طرحك ، وظهرت علامات القبول ، حينها يمكنك قيادته نحو الإتجاه الذي ترضاه أنت .. ببساطة وسهولة وهو في غاية الراحة منك والسرور بك .
جربها مع أصدقائك وزوجتك وأبنائك و كل من تقابله أياً كان ، ولاحظ نجاحك في كل مرة .. وعكس ذلك يعني كسراً للألفة ، سواء بقصد أو غير قصد ، حيث يفقد البعض علاقاته الجميلة مع أشخاص رائعين ، بسبب استخدامه لتقنيات كسر الألفة وهو لا يشعر ، فكن حذراً من كسر الألفة مع محبيك ، ما لم تكن ترغب في كسرها فعلاً مع من ترى ضرورة كسر الألفة معه .. حيث يمكنك إبعاد النفعيين والأشخاص السيئين ونحوهم .. ولكي تحقق نجاحاً في هذه التقنية ، أنت بحاجة أيضاً إلى معرفة لغة التخاطب الصحيحة ، وهذا سيكون في عرض معرفي آخر ، ولكن وبكل بساطة ، يمكنك بناء الألفة بالعبارات العاطفية العامة المبهمة وذات الاحتمالات المتعددة ، كمثل :
أنت رائع .
وكلنا نحب هذا .
وأوافقك فيما تقول .
مع الابتسامة . ولكسر الألفة ، يمكنك استخدام لغة دقيقة وجافة كأن تقول :
من قال هذا .
وكيف تثبت هذا .
ومتى حدث هذا .
وكم بالتحديد .
ومتى بالتحديد ، ولماذا ؟
وهي تساؤلات عقلية إذا جمعت مع حياد عاطفي أو شدة وتجهم وعبوس ، أو مع علامات تشير إلى التصيد و التشكيك ، فستحقق نفوراً وكسراً للألفة ، وهي تهدم العلاقات بشكل سريع .
قدمت لك هذه التقنية بشكل سطحي ومبسط ، وهي تحتاج منك إلى تدريب وتكرار ، ومهارة شخصية في المحاكاة والأداء .. وستستمع بتأثيرها المباشر على علاقاتك .. و أذكر قوله ﷺ " إن من أحبكم إليّ وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً ، وإن من أبغضكم إلي وأبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون . قالوا : يا رسول الله قد علمنا الثرثارين والمتشدقين فما المتفيهقون ؟ قال : المتكبرون رواه الترمذي وهو صحيح .
وهذي تحية مني .. وتمنيات صادقة بعلاقات صحيحة ومتينة ورائعة كروعة أدائك في بنائها .. وإلى اللقاء .
ما بين البناء والكسر
د. فيصل خالد الغريب
المستشار وخبير الاتصال البشري
@Dr_faisalkhaled
نموذج الاتصال البشري ، يعطيك تقنية فعالة ومباشرة في بناء العلاقات وهدمها ... مالذي يدعونا لبناء العلاقات ؟ ومالذي يقودنا لهدمها ؟
نبني العلاقات في الحالات التالية :
١- النفع المتبادل .
٢- النفع من طرف واحد .
وهذا النفع يكون دنيوياً أو أخروياً أو يجمع الإثنين معاً ، فتكون الصحبة والعلاقة مبنية على تحقيق مصلحة نافعة تتحقق بوجود العلاقة ، وتنتفي بانتفائها ، يقول صلى الله عليه وسلم " ثلاثة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله " و ذكر " اثنين تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقى عليه " .. ومن الصحبة النافعة ، صحبة المؤمنين للأخيار وأهل الفضل والأدب من الناس ، ومن تجمعك وإياهم منافع مشتركة بالمعروف .
وتهدم العلاقة في الحالات التالية :
١- الضرر المتبادل .
٢- الضرر من أحد الطرفين .
ويكون هذا الضرر دنيوياً أو أخروياً أو يجمع الإثنين معاً ، فتكون الصحبة إما جالبة لسخط الله وغضبه ، أو تعود بضرر شخصي لا يمكن تحمله ، كالإيذاء والحمق والسفه والجهل ونحوه ، قال تعالى " الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين " فالفاضل لا يصحب من لا عقل له ، أو سيء الخلق أو النفعي المفجوع أو أهل الفسق والفجور من الصحب والأقربين ، ممن يكون في صحبته ضرر بيّن لا يتجنب إلا بهدم العلاقة .
وهدم العلاقة لا يعني الخصومة والعداوة ، وإنما تحييد عملية التواصل وتجميدها فيحدث انفصال مدروس دون بغي أو ظلم أو ضرر ، ومنها هجر مصادر الشر وبيئات الفساد والإفساد .
وهذه التقنية ، مفيدة في الكسب والتقوية و مفيدة في التنفير أو الكسر .. ونستخدمها هنا لتحقيق الخير كيفما استخدمت هذه التقنية .
لتحقيق الألفة مع شخص لا يعرفك ولا تعرفه ، كالمقابلات والاجتمعات وجلسات التعارف و التفاوض ونحوها ، وهي مكونة من ثلاث خطوات :
١- المطابقة .
٢- المجاراة .
٣- القيادة .
فالمطابقة وبكل بساطة ، أن تشابه الطرف المقابل في جلسته أو وقوفه بشكل متماثل تماماً أو معكوس كالمرآة المواجهة له ، وتمارس ذات الإيماءات والحركات الجسدية و العبارات والأساليب اللفظية وطبيعة مستوى الخطاب ، مع ملاحظة طريقة تنفس الطرف المقابل ، وإيقاعه النغمي أثناء التحدث .
و أيضاً مع التأكد من أن لا تكون متصنعاً ولا مبالغاً ولا مباشراً في المحاكاة والتقليد و لاملفتاً للنظر نتيجة المطابقة المحفزة للانتباه .. بل كن منساباً سلساً هادئاً متدرجاً لكي تتغلغل إلى عقله اللواعي .. فينجذب إليك وهو لا يشعر .
أما المجاراة ، فينبغي أن تجاريه في مجمل اهتماماته ، فتتحدث عما يهمه هو و يستهويه ، فتشاركه أفكاره التي يبديها ، وتسايره في مستوى عرضه وموضمونه وعقله ، بغض النظر عن مدى عمق وسطحية الطرف المقابل .. في غير معصية لله تعالى .
القيادة ، هي مرحلة ما بعد الانسجام التام مع الطرف المقابل ، حيث أن مرحلة المجاراة ستعطيك الإشارة ، لجذب الطرف المقابل نحو هدفك أنت - وليكن هدفك إيجابي وصالح - فإذا تقبل مقدمات طرحك ، وظهرت علامات القبول ، حينها يمكنك قيادته نحو الإتجاه الذي ترضاه أنت .. ببساطة وسهولة وهو في غاية الراحة منك والسرور بك .
جربها مع أصدقائك وزوجتك وأبنائك و كل من تقابله أياً كان ، ولاحظ نجاحك في كل مرة .. وعكس ذلك يعني كسراً للألفة ، سواء بقصد أو غير قصد ، حيث يفقد البعض علاقاته الجميلة مع أشخاص رائعين ، بسبب استخدامه لتقنيات كسر الألفة وهو لا يشعر ، فكن حذراً من كسر الألفة مع محبيك ، ما لم تكن ترغب في كسرها فعلاً مع من ترى ضرورة كسر الألفة معه .. حيث يمكنك إبعاد النفعيين والأشخاص السيئين ونحوهم .. ولكي تحقق نجاحاً في هذه التقنية ، أنت بحاجة أيضاً إلى معرفة لغة التخاطب الصحيحة ، وهذا سيكون في عرض معرفي آخر ، ولكن وبكل بساطة ، يمكنك بناء الألفة بالعبارات العاطفية العامة المبهمة وذات الاحتمالات المتعددة ، كمثل :
أنت رائع .
وكلنا نحب هذا .
وأوافقك فيما تقول .
مع الابتسامة . ولكسر الألفة ، يمكنك استخدام لغة دقيقة وجافة كأن تقول :
من قال هذا .
وكيف تثبت هذا .
ومتى حدث هذا .
وكم بالتحديد .
ومتى بالتحديد ، ولماذا ؟
وهي تساؤلات عقلية إذا جمعت مع حياد عاطفي أو شدة وتجهم وعبوس ، أو مع علامات تشير إلى التصيد و التشكيك ، فستحقق نفوراً وكسراً للألفة ، وهي تهدم العلاقات بشكل سريع .
قدمت لك هذه التقنية بشكل سطحي ومبسط ، وهي تحتاج منك إلى تدريب وتكرار ، ومهارة شخصية في المحاكاة والأداء .. وستستمع بتأثيرها المباشر على علاقاتك .. و أذكر قوله ﷺ " إن من أحبكم إليّ وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً ، وإن من أبغضكم إلي وأبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون . قالوا : يا رسول الله قد علمنا الثرثارين والمتشدقين فما المتفيهقون ؟ قال : المتكبرون رواه الترمذي وهو صحيح .
وهذي تحية مني .. وتمنيات صادقة بعلاقات صحيحة ومتينة ورائعة كروعة أدائك في بنائها .. وإلى اللقاء .